كتبت قبل فترة تدوينة بعنوان ( باب لطم الاخوات ) كان الموضوع تندرياً وهزلياً , ولم يدر بخلدي وقتها أن عدداً مهولاً من الفتيات يرزحن تحت وطأة العنف الأسري.
...
حدثتني والدتي عن إحدى المسكينات في أرض الله , رمى عليها زوجها يمين الطلاق إن هي صعدت , أو نزلت , ثم صمت المجرم برهة وقال : وإن مكثتِ في البيت فأنتِ طالق.
رمت المسكينة بنفسها من الدور الثالث علّها تنجو بنفسها من كلمة ( مطلفة ) والتي يجرمها المجتمع ويمقتها ولا تعشقها سوى (مجالس الحريم) , فتوفيت.
تلقى المجرم عبارات التعازي فيها بكل شرف , وحمل الجاني لقب أرمل ليتزوج بعدها بعد انتهاء ليالي العزاء مباشرة , وحرمت المسكينة من بضعة أنفاس كانت تتمنى أن تعيشها هانئة.
المصيبة - كما تحدثني والدتي - أن بعض الجارات محدودات التفكير كنّ يمنعن أبناءهن من الترحم على المتوفاة , بحجة انتحارها , فحرمها حتى من لقب – مرحومة - .
----------------------
قابلت قبل فترة أحد الملتزمين , وصادف الوقت انتظارنا أمام إحدى العيادات , ولانني من مؤيدي حزب ( يا حليلهم المطاوعة ) كنت أتلقى كل كلمة تلفظ بها صاحب الوجه السموح بلهفة قصوى , لعلمي أن أولياء الله يرون بنور الله , ونرجو أن يكون واحداً منهم. تناقشنا في قضية هامة , وما زالت كلماته ترن في أذني : ( كثرت المعاكسات , كثرت العلاقات , يالكثرة بائعات الهوى ) , تبادلنا قذف التهم , ومراجعة الأسباب واتفقنا على أن أهم تلك الأسباب هو العنف الاسري , فهو يشكل الطارد الاول للفتاة من هذا الجحيم.
طالعتني صحيفة عكاظ النصف ليبرالية بخبر عن أحداث الشغب التي حصلت في دار رعاية الفتيات بمكة , وحيث أنني – قد – أصدق بعض الكهنة لأن تصديقهم أهون من تصديق صحيفة عكاظ , فإن الكاهن يخلط بالخبر الصادق 99 كذبة , بينما عكاظ حطمت الرقم القياسي لأنها تقوم بخلط 101 كذبة – تيمناً بمادة الإعلام 101 , فصل التعتيم – والصحيفة إن صدقت فإنها تحمل كارثة عظمى , فإذا كانت شكاوى الفتيات في محلها فأين تجد الفتاة المسكينة ملاذاً آمناً لها؟؟
-----------------------
جائني مكفهرّ الوجه , عصبيّ الملامح , يرفس الحاضر ويلعن المستقبل , و يبصق على الماضي, ثم بدأ خطبته العصماء : جئت لأخبرك بسرّ وأريد مساعدتك , والله لأنك أعز من أخواني , والله لا تعلم مقدارك في قلبي , والله أنت أحب عليّ من نفسي وولدي والناس أجمعين.
فخوفاً من أن يتحمس الرجل فيلقبني بـ(خاتم الرسل ) أو ( روح القدس ) تداركت الموقف بكلمتي الشهيرة : الـــزبــــدة؟؟
قال : مصيبة .. كارثة .. داهية ,, أختي تعرفت على شاب.
قاطعته والبرود يكاد يجمد طرف لساني والنعاس يغشى عيني : أعرف..,,,
جحظت عيناه حتى خفت أن تنقطع عنده الـ(rectus muscle) وصعدت في حلقة تفاحة آدم باسانسير ثم نزلت باستخدام درج الطوارئ الجانبي , وسألني بغضب ممزوج بدهشة : كيف لك أن تعرف؟؟
رديت بسرعه والحنق يكاد يقتلني منه: والله يا رجل اسأل نفسك , تذكر مغامراتك البطولية ضد أختك , حركات البلاي ستيشن القتالية التي تطبقها على أرض الواقع , وما أرض الواقع سوى جسد أختك المهتريء من كثر ما يلامسه من عنف , قد لا تكون انجرّت وراء ذلك الفتى سوى أنه وعدها بعالم ( خالٍ من العنف ) - طبعاً يعلوه خط أخضر – فركضت وراءه هرباً من جحيمك يا أخ , مع علمها يقيناً بقرب انتهاء صلاحية علبته هذه.
يا رجل .. والله لو كنت مكان أختك لتصرفت مثلها هروباً من ( رفساتك اللولبية ) و ( لكماتك الانشقاحية ) و لصادقت أي شاب من زمااااااااااااااااان , علّه أن يتصل على المطافي فقط ليطفئون لهيب ضرباتك على جسدي , فيأتونني وهم يتناقزون ويتنطنطون ويهزون رؤوسهم صادحين ( لا تخافي لا تخافي .. نحن أبطال المطافي ).
أتعلم ؟؟ .. لقد اكتشفت اختك أن جميع من حولها خَوَنَة .. كَذَبة , بدءاً من عائلتها الكريمة التي داعبت طفولتها ورفست شبابها , وانتهاء بكتاب المطالعة الذي أملى علينا ترهات السعادة الكاذبة التي سرعان ما اكتشفنا افتراءاته بمجرد نضوجنا , وكذب الذي املى نص أبطال المطافي ليطفيء قنديل حنقه فينا.
وتعساً لتلك النصوص الكاذبة التي ما زادت أجساد بناتنا إلا حريقاً , وما زادت قلوبهن إلا خوفاً , و كم أنت غالية والله يا فتاة مجتمعي العزيز.
لفتة :-
والله الذي لا إله غيره لا أذكر أن والدي مد يده عليّ بالضرب في يوم من الأيام , ووالله العظيم .. ما امتدت يدي بالضرب على أنثى من وقت ولادتي وحتى لفظي لأنفاسي التي سبقت كتابة أحرفي هذه مباشرة.
أصلحوا أنفسكم .. وتربية أبناءكم , تصلح بناتكم .. ويصلح أولادكم.
شارة فيس بوك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق