تتعلق آمال كل من هم حولنا بمستقبلنا نحن طلبة الطب , ابتداءً من أخيك الصغير وهو (يتفشخر) بك أمام أصدقاءه في المتوسطة , بينما هم مهتمون حقيقة بعدد الشعرات الملتوية في ساق محمد نور , وانتهاء بإحدى عجائز الديرة وهي تسبغ على زميلاتها مما لذ وطاب من أنواع ( البكش ) , حتى تجعلك ( مهجّد وزراء الصحة ) , فتغشى إحدى العجائز عبرة وتسقط دمعة , بينما الأخرى تنتابها نوبة صرع.
بيد أن كل هؤلاء لم يعرفو علم الأمراض العام , ولا أعني هنا تلك المادة الجميلة في عالم الطب والتي درج على تدريسنا اياها الدكتور محمد باسلامه , لأن تلك أمرها هيّن ( شغّل الريكوردر يا ولد وهاتك يا أحلام سعيدة ) , لكنني أعني علم الأمراض الملازم لطالب الطب في جامعة أم القرى من السنة الأولى وحتى السنة التي تلبس فيها وشاح التخرج ( والحقيقة أن النية هي خلع جميع ما يعلو البدن والسير في الشارع جوار مستشفى شهار حتى لا تتعب العاملين فيه بمشوار خاص لأجلك ).
---
معاناتك تبدأ يا من يحلم بحرف الدال بمجرد تسلمك شهادة وفاتك , عفواً أقصد إشعار القبول في الكلية ( حبذا لو تتشهد قبله ) وبمجرد أن تطأ قدمك مدخلها فإنك الآن يجب عليك أن تتفهم مقدار التعب الذي بذله هذا الدكتور القابع أمامك وبالكاد يحرك قدمه التي ترتعش , وطبعاً أنت الضحية , ويجب عليك أن تنهي المنهج الذي أنهاه هو في في 600 سنة فقط .. في سمستر واحد.
ناهيك عن الاختبارات التي يشيب لها رأس الوليد ..
اليوم فقط .. وفي وسط محاضرة علم الأعصاب مع الدكتور القدير وجيه البراني الجوّاني قدس الله أخته وأمه وعاره , نتفت شعره من رأس عزوز أبو راس , على أمل أن يخرج معها أحد الأعصاب الحسية فيحس ويبعد رأسه عن وجهي لكي أرى الأفق فقط , وبالطبع كأنني أنتف عشبة من وسط صخر , لم يحس بشيء , إنما دخل عبد الله في موجة بكاء هستيري من كثر الضحك كالعادة وكاد يقبّل الأرض بين قدمي , التفتّ إليه لأسأله عما يدغدغ خاصرته فأشار وهو يشهق إلى شعرة عزوز , كانت مثل شعر مكنسة جدتي حفظها الله , مكنسة سعف النخيل .الغريب أن لونها شديد البياض . انتبه عزوز فأدركته دهشة ورقّة وخرّ ساجداً .. ثم جلس في زاوية ( يفكر فيما كان قد مضى .. وما قد جنى قلبه وما كان هاويا ).
ربتّ على كتفه بحنان .. ابتسمت وهمست في أذنه ( لا تهتم يا بنيّ .. ستكبر وتتخرج وتتذكر هذه الأيام العصيبة ).
بالطبع كنت أحاول تدارك الموقف فقط , وإلا فماذا يفعل طالب الطب المسيكين حينما يحمّل على ظهره بـ 38 ساعة معتمدة , ناهيك عن مهايطة الدكاترة من بداية السنة إلى نهايتها وزيارات المرجع الثقافي ( قرطاسية الشاعر ) والمبالغ الخرافية المدفوعة , غير إشاعات الطلبة وتخبيصهم جوّ المحاضرة حتى يخرج الدكتور من القاعه وقد استبدل قميصه ذو الماركة العالمية بفانيلة علاقي من القهر .. ويا قلب لا تحزن .
...
دخلت اليوم لكي أدوّن هذه الأحرف القليلة , وكان الدافع حموضة المعدة التي أصابتني جراء تأخير المكافأة , فهي أصلا ( ايش الديك وايش مرقته ) , 1000 ريال تذهب منها 2500 في شراء أدوية علاج نفسي بسبب حالات الهستيريا التي تصيبك. عموماً يبدو أن المكافأة ستذهب هذا الشهر في عشبتين تزرع على مدخل الجامعة بمناسبة زيارة مندي بن عبد العزيز كما في المرّة الماضية <<<< ياشين المذاكرة في بريمان.
7
7
7
7
7
ولي مع ذِكرِ المهازل عودة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق